وفي حياة الحيوان: وكان عمرو بن العاص جزارا، وكذلك أبو حنيفة صاحب الرأي والقياس (1).
وفي شرح الفقه الأكبر لعلي القاري: ثم اعلم أن القونوي ذكر أن أبا حنيفة كان يسمى مرجئا، وكذا قال الشيخ الجيلي في (غنية الطالبين) حيث عد الفرق غير الناجية، وقال: منهم المرجئة (وذكر أصنافا)، ثم قال: ومنهم: الحنيفة (وهم أصحاب أبي حنيفة نعمان بن ثابت)، وهكذا قال الحافظ عبد العزيز البيرهاروني في (مرام الكلام).
وقد روى الترمذي عن ابن عباس (مرفوعا): " صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب، المرجئة، والقدرية ".
فملخص ما ذكرنا أنه لا يسلم كثير من المعتبرين من الجرح حتى أبو حنيفة. وقد قال قوم:
الجرح مقدم على التعديل خلافا لأبي حنيفة (كما في منهج الوصول) وما قالوا فهو مؤيد للإمامية لأن الأحاديث الواردة في فضائل أهل بيت النبي (عليه وعليهم السلام) التي ضعفها قوم وصححها آخرون، فالتصحيح مقدم هما (2).
أقول: الإنصاف يا أهل (الجماعة) قدموا الكثرة أو الجرح أو التعديل، فأصولكم في (الحديث) كأصولكم في (الخلافة) كلها مخترعة، وهي أوهن من نسج العنكبوت، فلكم اتباع أهوائكم، " ومن أضل ممن اتبع هواه "، لأن أصولكم ليست بجامعة ولا مانعة.
ومع هذا نسلك على طريقتهم المعمول بها في الاحتجاج بالأحاديث بأن نسلم أن (الصحيحين) أصح الكتب، وإن رجح غيرهما في بعض الأوقات (كما مر)، وبعد هما (موطأ) مالك.
في (الأجوبة الفاضلة) قال الذهبي في (سير أعلام النبلاء): رتبة (الموطأ) أن يذكر تلو (الصحيحين) مع سنن أبي داود. وذكر الزرقاني في شرح الموطأ عن السيوطي أن (الموطأ) صحيح كله على شرط مالك، وبعده سنن أبو داود، والترمذي (3).
في (بستان المحدثين) لعبد العزيز الدهلوي: أن أبا داود قد انتخب في سننه من خمسمائة ألف حديث، وأرى أستاذه أحمد بن حنبل فاختاره هو. وقد التزم في (سننه) صحيحا، أو حسنا (4). وفي (التدريب): وما كان فيه ما لم يذكر فيه شيئا فهو صالح، هذا وهو يشمل الصحيح والحسن. قال النووي: والحق ما قاله الجمهور من هذا ما سكت عنه أبو داود، وذلك لما رواه ابن الصلاح وقد استند القاري الحنفي في كتاب موضوعاته الكبير بسكوت أبي داود (5)، وفي الأجوبة الفاضلة: قال ابن الصلاح في مقدمته (كتاب أبي عيسى الترمذي - أصل في معرفة الحديث الحسن)، ومن مظانه سنن أبي داود، روينا عنه أنه قال ذكرت فيه الصحيح، وما يشبهه، ويقاربه، وأصح ما يعرفه في ذلك الباب. وقال ما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد بينته، وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح، وبعضها أصح من بعض. قال: وما سكت عنه أبو داود جزمنا بأنه من الحسن عند أبي داود (6). وفي