الباب الخامس في أصول الحديث إعلم أن أهل (الجماعة) سموا الأحاديث بالمتواتر، والمشهور، وخبر الواحد، والصحيح، والحسن لذاته، والحسن لغيره للاحتجاج، لكنه - إذا تمعن - ليس لهم اتفاق على تواتر، ولا شهرة، ولا صحة، لا على (الصحيحين)، ولا على غيرهما (كما سنذكر ذلك إن شاء الله).
ولما أخذنا الأحاديث من كتبهم للاحتجاج عليهم، وكان لنا علم بعاداتهم اضطررنا إلى بيان صنيعتهم هذه، فنقول: إنهم قد استدلوا بالمتواتر حتى رجحوه على كتاب الله تعالى، وقد أنكروا وجود المتواتر كابن حبان، والحازمي (كما في شرح نخبة الفكر للعسقلاني): ذكر ابن الصلاح أن مثال المتواتر على التفسير المتقدم يقل وجوده (بحيث لا يكاد يوجد) إلا أن تدعى ذلك في حديث " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " (1).
قال في الفتح: " إنما الأعمال بالنيات "، قال أبو جعفر الطبري قد يكون هذا الحديث على طريقة بعض الناس مردودا لكونه فردا (ثم قال ابن حجر)، وهو كما قال: وبذلك جزم الترمذي، والنسائي، والبزار، وابن السكن، (ثم قال): وبهذا التقرير غلط من زعم أن الحديث عمر متواتر إلا إذا حمل على التواتر المعنوي (2).
وفي شرح النخبة: فإن قيل حديث (الأعمال بالنيات) فرد لم يروه عن عمر إلا علقمة، مع كونه صحيحا بلا نزاع واقعا في صحيح البخاري (3).
ولا يخفى ما اختلفوا في شروط (المتواتر) مما ورد بلا حصر معين، ومنهم من عين في الأربعة، وقيل في الخمسة، وقيل في السبعة، وقيل في العشرة، وقيل في الاثني عشر، وقيل في العشرين، وقيل في الأربعين، وقيل في السبعين، وقيل ثلاثمائة وبضع عشر، وقيل غير ذلك، ولكل وجهة.
وقال بعضهم: إذا لم يحتمل الكذب لتعدد الطرق فهو متواتر بالمعنى لقولهم إن الآحاد يفيد الظن، ومجموعها إذا بلغت حد المتواتر يفيد القطع (4).
ومن أعجب العجائب ما في (الإتقان): " فرب متواتر عند قوم دون آخرين، وفي وقت دون