الحقيقة هو ركن أعظم في الحديث (1). وقال في (هداية السائل): لو لم يثبت أحمد في زلازل المعتزلة لذهب مذهب أهل الجماعة من الأرض، فيا حسرة أنهم اتهموه بالرفض، والتشيع لذكره الأحاديث في فضائل أهل البيت (ع)، وما هذا إلا تعصب من أهل الجماعة.
وقد ألف العلامة الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي أربعمائة كتاب، وبضعا (وهو من مجددي المائة التاسعة)، قال عبد الحي اللكنوي في (المنهية على إقامة الحجة): له باع طويل، وقدم راسخة في علوم الحديث، والتاريخ (2).
وفي بستان المحدثين: إن لابن حجر، وإن كان ضبطا في العلوم لكن سعة النظر، والاطلاع على الكتب كان زائدا للسيوطي (3).
وفي الميزان الكبرى للشعراني: إن رجلا جاء إلى السيوطي للشفاعة عند السلطان فاعتذر السيوطي، وقال: قد اجتمعت برسول الله (ص) إلى وقتي هذا خمسا وسبعين مرة يقظة ومشافهة ولولا خوفي من احتجابه عني بسبب دخولي للولاة لطلعت القلعة، وشفعت فيك عند السلطان، وإني رجل من خدام حديثه، وأحتاج إليه في تصحيح الأحاديث التي ضعفها المحدثون من طريقهم ولا شك أن نفع ذلك أرجح من نفعك أنت يا أخي (4).
وفي اليواقيت والجواهر (البحث الثاني والعشرون) بأسانيد - مثل ما روي في الميزان - قال: قد أخبرني الشيخ الصالح عطية الإنباس، والشيخ الصالح قاسم المغربي، والقاضي زكريا الشافعي أنهم سمعوا الشيخ جلال الدين السيوطي يقول: رأيت رسول الله (ص) في اليقظة بعضا وسبعين مرة، وقلت له في مرة منها: هل أنا من أهل الجنة يا رسول الله؟ فقال: نعم، فقلت: من غير عذاب سبق، فقال: لك ذلك (5).
وقد ألف الشيخ السيوطي كتابا سماه: (تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي والملك)، وذكر أمثلة.
وقال ابن العربي في الكبريت الأحمر: قال السيوطي: زرت رسول الله (ص) وصححت عنه أحاديث كثيرة، وقد ذكر الإمام مسلم في صدر كتابه عن شخص أنه رأى رسول الله (ص) في المنام فعرض عليه ألف حديث كانت في ذهنه أنها صحيحة فأثبت له (ص) من الألف ستة أحاديث، وأنكر (ص) ما بقي (6).
ومن طالع كتب السيوطي لا يخفى عليه سعة نظره في الكتب، وضبطه، وكمال علمه، ولا يذكر حديثا معلولا، ولا ضعيفا في تصانيفه بدون التصريح، بل يذكر الصحيح، والحسن، والضعيف، وسكوته مشتمل على الصحيح أو الحسن، ولا يسكت على ما لا أصل له، فكان كتابه كسنن أبي داود في الطبقة، كما قال القاري في موضوعاته الكبير: سكوت السيوطي قابل