تضعيف الكتب، والأحاديث، أو وضعها، كالغريق الذي يتشبث بالطحلب، فأردنا أن نذكر أصولهم في الحديث، وطريق قبولهم للروايات، ونسطر طريق الاستدلال على ما ادعينا (في كتابنا هذا) ليكون المتعصبون خائبين وخاسرين، " كأنهم صم بكم عمي فهم لا يتكلمون ".
فما أوردنا في هذا الكتاب من الأحاديث والروايات من كتب أهل الجماعة فأما أخذناها من (الصحيحين)، أو ممن التزم بالصحة في كتابه، أو ما صرح المحدثون بتصحيحه، أو تحسينه، أو تقويته بكثرة الطرق، أو بالشواهد (باللفظ أو بالمعنى أو بهما)، أو بنقل المعتمدين والثقات وسكوتهم عليه، وما ذكرنا فيه بلا سند، وبلا نقل ليس له شاهد في كتبهم، فإن خالج في قلب من طالع (كتابنا) ريب الصحة، والضعف في الروايات فلينظر في هذا الباب فلعله لا يجد فيه شيئا يخالف ما قلنا آنفا، بل المرجو أنه يشفي العليل ويروي الغليل.
وليعلم أولا أن مطلق نسبة (التشيع) إلى الراوي ليس بقادح عند أهل التحقيق، وإن التجأ إليه المعاندون عند العجز عن الجواب، (لما في تدريب الراوي للسيوطي، وفي هداية السائل) (1). وقد صرح بذلك الذهبي في (الميزان) فقال: البدعة على ضربين، (صغرى) كالتشيع بلا غلو، أو بغلو كمن تكلم في حق من حارب عليا فهذا كثير في التابعين، وتابعيهم مع الدين والورع والصدق، فلو رد هؤلاء لذهبت جملة من الآثار، ثم بدعة (كبرى) كالرفض الكامل والغلو فيه، فهذا النوع لا يحتج بهم. وهذا الذي قاله الذهبي، وهو الصواب الذي لا يحل لمسلم أن يعتقد خلافه.
وسرد السيوطي الكلام بتفصيل من رمي ببدعة ممن أخرج لهم البخاري، ومسلم، أو أحدهما، منهم: رمي بالإرجاء، والنصب، والتشيع، والقدر، والخوارج، والاعتقاد بخلق القرآن، ونفي صفات الله تعالى (2).
وفي نبراس الصالحين (ناقلا عن الدراية في شرح النقاية للسيوطي): إن المبتدع إن لم يكفر قبل روايته وإلا لأدى إلى رد كثير من الأحاديث مما رواه الشيعة، والقدرية، وغيرهما. وفي (الصحيحين) من روايتهم ما لا يحصى.