غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي عز وجل ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي ثم يقال: يا محمد ارفع رأسك سل تعطه واشفع تشفع، فأرفع رأسي فأقول: أمتي يا رب أمتي يا رب، فيقال: يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، ثم قال: والذي نفسي بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وحميرا وكما بين مكة وبصرى " (1).
فالحديث يدل على جواز التوسل بالمقام والمنزلة لقولهم: يا من أنت رسول وخاتم الأنبياء، كما أن فيه دلالة على طلب الشفاعة منه لقولهم اشفع لنا إلى ربك.
إن التوسل بالأنبياء والأولياء ليس بملاك جسمانيتهم فإنهم وغيرهم في ذلك المجال سواسية، وإنما يتوسل بهم بروحانيتهم العالية، وهي محفوظة في حال الحياة وبعد الارتحال إلى البرزخ وإلى الآخرة.
فالتفريق في التوسل بين الحياة والممات ينشأ من نظرة مادية تعطي الأصالة للجسم والمادة ولا تقيم للمعنى والروحانية وزنا ولا قيمة.
فالنبي الأكرم مدار الفضائل والكمالات وهو يتمتع بأروع الكرامات وكلها ترجع إلى روحانيته ومعنويته القائمة المحفوظة في جميع الحالات.
فما هذا التفريق بين الحياة المادية والبرزخية والأخروية؟
فمن اتخذ الأنبياء والأولياء وغيرهم ممن باتوا لربهم سجدا وقياما، أسبابا حال حياتهم أو بعد مماتهم، ووسائل لقضاء حوائجهم ووسائط لجلب الخير ودفع