تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار، وهم أولياؤه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فلهم الحظوة لديه، والقبول عنده بتفضيل عليهم بالاستجابة لدعائهم وقبول الاستغاثة منهم.
وفي جواز التشفع والاستغاثة بجاهه تواترت الأحاديث، واستفاضت الأخبار، خصوصا عندما يطول الموقف ويشتد الكرب ويعظم الهول، يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى. فتطلب الخلائق في هذا الموقف من الأنبياء إغاثتهم، والاستشفاع بهم، فيحيلونهم كل بدوره إلى خير شفيع، وأعظم مغيث فيقصدون كعبة الشفاعة وقبلة الإغاثة، فيستجيب لرغباتهم ويسارع لإغاثتهم وإنقاذهم ويهم لمرضاتهم بما عهد فيه من فضل، وما عرف عنه من كرم (1).
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: " أنا سيد الناس يوم القيامة. هل تدرون بم ذلك؟ يجمع الله يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد ويسمعهم الداعي وينفذهم البصر وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون فيقول الناس: ألا ترون ما قد بلغكم؟
ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض: عليكم بآدم، فيأتون آدم فيقولون له: أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم: إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح.