العمل والتصرف، وهذا ما لا يليق أن ينسب إلى موحد أبدا.
إن القرآن حافل بحصر أفعال بالله سبحانه، فينسبها إليه في صورة الحصر، ولكنه يعود فينسبها في نفس الوقت إلى غيره وليس هناك تهافت وتضاد بين الإسنادين والنسبتين، لأن المحصور في الله سبحانه غير المنسوب إلى غيره.
يقول سبحانه: {إياك نستعين} وفي الوقت نفسه يقول عز وجل: {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} (1).
قال الدكتور عبد الملك السعدي: أما من يمنع ذلك ويستدل بقوله: {إياك نعبد وإياك نستعين} وبقوله (صلى الله عليه وآله) لابن عباس: " وإذا استعنت فاستعن بالله " وبقوله: " لا يستغاث بي وإنما المغيث هو الله ".
فالجواب عنه: أن الإعانة تكون حقيقية ومجازية، فالمعين الحقيقي هو الله وطلب الإعانة من غيره مجاز، ولولا إمداد الله له بالعون والقوة لما استطاع أن يعينك، فالاستعانة بالإنسان هي استعانة بالقوة والملكة والسلطة التي منحه الله إياه إذ لا حول ولا قوة إلا بالله، فالآية حصرت الاستعانة الحقيقية بالله تعالى، وكذا وصية النبي (صلى الله عليه وآله) لابن عباس من هذا القبيل، والآية والحديث فيهما توجيه للعبد، أن لا ينسب إلى المخلوق حولا ولا قوة، ولو طلب العون المجازي منه وإذا لم توجه الآية والحديث هذا التوجيه فإنه ستتعارض مع قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} (2) وقوله (صلى الله عليه وآله): " والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ".
أما الحديث الأخير فإنه ضعيف، لأن في سنده ابن لهيعة فلا يقاوم الأحاديث الصحاح ولا مدلول الآية (3).