وسعديك قال: " هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ " قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: " أن لا يعذبهم " (1).
وروى الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف " (2).
فهذان الحديثان قد ثبت بهما وجود حق للعباد على الله تعالى، إلا أنه حق تكريم لا حق إلزام وإيجاب.
إن للإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كلمة قيمة في تفسير حق العباد على الله، وأن هذا الحق مما منحه سبحانه تفضلا على عباده، قال: " فالحق أوسع الأشياء في التواصف وأضيقها في التناصف لا يجري لأحد إلا جرى عليه، ولا يجري عليه إلا جرى له، ولو كان لأحد أن يجري له ولا يجرى عليه لكان ذلك خالصا لله سبحانه دون خلقه لقدرته على عباده، ولعدله في كل ما جرت صروف قضائه، ولكنه سبحانه جعل حقه على العباد أن يطيعوه، وجعل جزاءهم عليه مضاعفة الثواب تفضلا منه وتوسعا بما هو من المزيد أهله " (3).
وقد أوضح الإمام معنى حق الناس على الله وأنه ليس حقا ذاتيا للناس عليه بل كلها تفضل منه سبحانه: وترى مثله في سائر المواضع حيث نرى أنه يقترض من العباد وهو مالك للعباد وما في أيديهم ويقول: {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له} (4).