إن المسلمين بعد رحيل الرسول تفرقوا إلى أمم ومذاهب مختلفة، ولم يكن ذلك إلا إثر تلاعب المبتدعين في الدين والشريعة، بإدخال ما ليس من الدين، في الدين. وكان عملهم تحويرا لصميم العقيدة الإسلامية وشريعتها، فلولا البدعة والمبتدعون وانتحال المبطلين، لكانت الأمة الإسلامية أمة واحدة، لها سيادتها على جميع الأمم والشعوب في أنحاء المعمورة، وما أثنى ظهورهم إلا دبيب المبتدع بينهم، فشتتهم وفرقهم بعدما كانوا صامدين كالجبل الأشم.
والحروب الدموية - التي خاضها المسلمون في عصر الخلافة وبعدها، وخضبت الأرض بالدماء الطاهرة، وسل المسلمون سيوفهم في وجه بعضهم، فسقط منهم آلاف القتلى والجرحى على الأرض - هي من جراء البدع النابعة عن الأهواء والميول النفسانية، حيث كانوا يتحاربون باسم الدين، والحال أن الدين كان في جانب واحد، لا في جوانب متكثرة.
إن صراط النجاة في الإسلام هو صراط واحد مستقيم دعا إليه المؤمنين عامة وقال: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} (1).
وأمر المسلمين أن يدعوا الله سبحانه، أن يثبتهم على هذا الصراط كي لا ينحرفوا يمينا وشمالا كما يقول سبحانه تعليما لعباده: {اهدنا الصراط المستقيم} (2) ولكن المبتدع يسوق الناس إلى سبل منحرفة لا تنتهي إلى السعادة التي أراد الله سبحانه لعباده.
فحق التشريع والتقنين لله تبارك وتعالى، وقد استأثر به وقال: {إن الحكم