وعلى ذلك فإن النذر للأموات شرك وعبادة لهم، بحجة اشتراك العملين في الصورة.
ولكن المتوهم غفل عن اختلاف معنى اللام في الموردين: فاللام في قوله هذا للنبي، نفس اللام الواردة في قوله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين...} (1) ويختلف معناها مع الموجود في قوله: {رب إني نذرت لك ما في بطني محررا} (2)، فإن اللام فيه للغاية، وبين المعنيين بون بعيد، والذي يضفي على العمل لون العبادة كون الشخص هو الغاية والمقصد لا المهدى إليه.
ثم يجب أن لا نحصر جواز إهداء الثواب في الأعمال المذكورة في الروايات، بل نعمم الجواز بحيث يشمل جميع الأعمال، وذلك بإلغاء الخصوصية، فكما يجوز إهداء ثواب الصدقة والحج والعتق يجوز إهداء ثواب قراءة القرآن إلى الموتى.
خاصة وأن هناك أحاديث مروية عن أهل البيت (عليهم السلام) جوزت مثل هذا العمل، وسوغت إهداء ثواب قراءة القرآن إلى الميت، وصرحت بوصوله إليه وانتفاعه به، فلماذا يترك رأي أهل البيت (عليهم السلام) ويكتفى بقول أحد أئمة المذاهب الأربعة؟!
أفلا ينبغي الرجوع إلى قول أهل البيت (عليهم السلام) إلى جنب أقوال أئمة المذاهب الأربعة على قدم المساواة؟!
وأظن إن للقوم وراء هذا الإنكار أهدافا خطيرة، وهو: أن القول بعدم انتفاع الموتى من عمل الأحياء ذريعة لإنكار حياتهم، وبالتالي فإن الأنبياء والأولياء أموات لا ينتفعون بشئ مما يقدم إليهم من أحبائهم وشيعتهم.
فإذا كانوا كذلك فما معنى التوسل والاستغاثة بهم وندائهم؟