والكافر يجعل في قالب كقالبه في محل عذاب يعاقب، ونار يعذب بها حتى الساعة ثم ينشئ جسده الذي فارقه في القبر فيعاد إليه فيعذب به في الآخرة عذاب الأبد ويركب أيضا جسده تركيبا لا يفنى معه (1).
هذه اثنتا عشرة كلمة من أعلام السنة والشيعة تعرب عن اتفاق الأمة على استمرار الحياة بعد الانتقال عن الدنيا، أو تجديد الحياة بعده، وأن الموت ليس بمعنى بطلان الإنسان إلى يوم القيامة، بل هناك مرحلة بين المرحلتين، لها شؤون وأحكام.
ويؤيد ما ذكره، وما جرى عليه عمل الناس قديما وإلى الآن من تلقين الميت في قبره، ولولا أنه يسمع ذلك وينتفع به لم يكن فيه فائدة وكان عبثا، وقد سئل عنه الإمام أحمد (رحمه الله) فاستحسنه واحتج عليه بالعمل.
وقال ابن القيم - تلميذ ابن تيمية - بعد نقل ما ذكرنا عن الإمام أحمد: إن اتصال العمل به في سائر الأمصار والأعصار من غير إنكار، كاف في العمل به.
إلى أن قال: فلولا أن المخاطب يسمع، لكان ذلك بمنزلة الخطاب للتراب والخشب والحجر والمعدوم، وهذا وإن استحسنه واحد، لكن العلماء قاطبة على استقباحه واستهجانه، وقد روى أبو داود في سننه بإسناد لا بأس به: أن النبي (صلى الله عليه وآله) حضر جنازة رجل فلما دفن قال: " سلوا لأخيكم التثبت فإنه الآن يسأل "، فأخبر أنه يسأل حينئذ، وإذا كان يسأل فإنه يسمع التلقين (2).
وقال: إن الأرواح على قسمين: أرواح معذبة، وأرواح منعمة، فالمعذبة في شغل ما هي فيه من العذاب، عن التزاور والتلاقي، والأرواح المنعمة المرسلة غير المحبوسة تتلاقى وتتزاور، فتكون كل روح مع رفيقها الذي هو على مثل عملها،