رفعت، فسمعوا صالحا يقول:
ألا هل وجدوا ما فقدوا؟ فأجابه الآخر: بل يئسوا فانقلبوا (1).
إن هذا الخبر لو صح فهو على نقيض المطلوب أدل، فهو يدل على جواز نصب المظلة على القبر، ولو كان ذلك حراما لما صدر من امرأة الحسن بن الحسن (عليهما السلام)، لأنه كان بمرأى ومسمع من التابعين وفقهاء المدينة، ولعلها نصبت تلك القبة لأجل تلاوة القرآن في جوار زوجها وإهداء ثوابها إلى روحه.
وأما قول الصالح فهو قول غير صالح، كما أن الجواب أيضا مثله، لأنه بصدد الشماتة، بامرأة افتقدت زوجها وهي مستحقة للتعزية والتسلية لا الشماتة، لأنها ليست من أخلاق المسلمين، ولم تكن المرأة تأمل عودة زوجها إلى الحياة حتى يقال: إنها يئست، بل كان نصبها للمظلة للغايات الدينية والأخلاقية، والشامت والمجيب كانا من أعداء أهل البيت، والعجب أن البخاري ينقله ولا يعلق عليه شيئا!
ترى هؤلاء الأغبياء يدمرون آثار الرسالة وهم يتمسكون في ذلك بركام من الأوهام، ويسخرون من الذين أظهروا حبا لأهل بيت رسول الله الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وفرض مودتهم وولاءهم وقال: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} (2).
إلى هنا تبين أنه ليس للقوم دليل، بل ولا شبهة على حرمة البناء على القبور، وإنهم لم يدرسوا صحاحهم ومسانيدهم حسبما درسها السلف الصالح.