القاطنين في المدينة وعلى رأسهم علي بن أبي طالب، وقد كان يستشيره في مواقف خطيرة ويقتفي رأيه.
ولا يكون استعجال الناس، مبررا لمخالفة الكتاب والسنة بل كان عليه ردع الناس عن عملهم السيئ بقوة ومنعة، وكيف تصح مؤاخذتهم بما أسماه رسول الله لعبا بكتاب الله (1).
يقول ابن قيم: إن هذا القول قد دل عليه الكتاب والسنة والقياس والإجماع القديم، ولم يأت بعده إجماع يبطله، ولكن رأى أمير المؤمنين عمر (رضي الله عنه) أن الناس قد استهانوا بأمر الطلاق وكثر منهم إيقاعه جملة واحدة، فرأى من المصلحة عقوبتهم بإمضائه عليهم ليعلموا أن أحدهم إذا أوقعه جملة بانت منه المرأة، وحرمت عليه، حتى تنكح زوجا غيره نكاح رغبة، يراد للدوام، لا نكاح تحليل، فإذا علموا ذلك كفوا عن الطلاق المحرم، فرأى عمر أن هذا مصلحة لهم في زمانه، ورأى أن ما كانوا عليه في عهد النبي وعهد الصديق، وصدرا من خلافته كان الأليق بهم، لأنهم لم يتابعوا فيه وكانوا يتقون الله في الطلاق، وقد جعل الله لكل من اتقاه مخرجا، فلما تركوا تقوى الله وتلاعبوا بكتاب الله وطلقوا على غير ما شرعه الله ألزمهم بما التزموه عقوبة لهم فإن الله شرع الطلاق مرة بعد مرة، ولم يشرعه كله مرة واحدة (2).
يلاحظ عليه: أن ما ذكره من التبرير لعمل الخليفة غير صحيح، إذ لو كانت المصالح المؤقتة مبررة لتغير الحكم، فما معنى " حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة " ولو صح ما ذكره لتسرب التغير إلى أركان الشريعة، فيصبح الإسلام ألعوبة بيد الساسة، فيأتي سائس فيحرم الصوم على