هذا كله إذا عبر عن التطليق ثلاثا بصيغة واحدة، أما إذا كرر الصيغة - كما عرفت - فربما يغتر به البسطاء ويزعمون أن تكرار الصيغة ينطبق على الآية، لكنه مردود من جهة أخرى وهي:
أن الصيغة الثانية والثالثة تقعان باطلتين لعدم الموضوع للطلاق، فإن الطلاق إنما هو لقطع علقة الزوجية، فلا زوجية بعد الصيغة الأولى حتى تقطع، ولا رابطة قانونية حتى تصرم.
وبعبارة واضحة: إن الطلاق هو أن يقطع الزوج علقة الزوجية بينه وبين امرأته ويطلق سراحها من قيدها، وهو لا يتحقق بدون وجود تلك العلقة الاعتبارية الاجتماعية، ومن المعلوم أن المطلقة لا تطلق، والمسرحة لا تسرح.
وربما يقال: إن المطلقة ما زالت في حبالة الرجل وحكمها حكم الزوجة، فعندئذ يكون للصيغة الثانية والثالثة تأثير بحكم هذه الضابطة، ولكن الإجابة عنه واضحة، وذلك لأن الصيغة الثانية لغو جدا، لأن الزوجة بعدها أيضا بحكم الزوجة، وإنما تخرج عنه إذا صار الطلاق بائنا، وهو يتحقق بالطلاق ثلاثا.
والحاصل: أنه لا يحصل بهذا النحو من التطليقات الثلاث، العدد الخاص الذي هو موضوع للآية التالية، أعني قوله سبحانه: {فإن طلقها فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره} وكيف لا يكون ذلك، وقد قال (صلى الله عليه وآله): " لا طلاق إلا بعد نكاح "، وقال: " لا طلاق قبل نكاح " (1).
فتعدد الطلاق رهن تخلل عقدة الزواج بين الطلاقين، ولو بالرجوع، وإذا لم تتخلل يكون التكلم أشبه بالتكلم بكلام لغو.
قال السماك: إنما النكاح عقدة تعقد، والطلاق يحلها، وكيف تحل عقدة قبل أن