يعمل عمل المشرك المعتقد بالتعدد في الفاعلية والربوبية، وتسميته كافرا أو مشركا في بعض الآثار (1) ليس إلا للتنزيل والتشبيه بالمشرك أو الكافر في العمل، نعم عليه أن يجتنب عنه اجتنابا كاملا حتى لا يصير محروما عن رحمته تعالى " فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا " (2).
كما يجب عليه الاجتناب عن سائر صنوف الشرك الخفي كإطاعة النفس والطاغوت والشيطان مما يشير إليه قوله تعالى: " أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا " (3)، " ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت " (4)، " ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم " (5).
فالموحد الحقيقي هو الذي خص الله تعالى بالعبادة ولا يشرك غيره فيها ولا يرائي فيها، وخصه تعالى أيضا بالإطاعة فلا يطيع إلا إياه، ومن أمر الله بإطاعتهم، ويترك اتباع هوى نفسه وغيره، ويجتنب من عبادة الطاغوت، فليراقب المؤمن كمال المراقبة في الشرك الخفي فإن الابتلاء به كثير وتمييزه دقيق، وقد نص عليه الرسول الأعظم - صلى الله عليه وآله - في حديث:
" الشرك أخفى من دبيب الذر على الصفا في الليلة الظلماء وأدناه أن يحب على شئ من الجور ويبغض على شئ من العدل وهل الدين إلا الحب والبغض في الله، قال الله تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله " (6).
فالشرك في محبة الله من صنوف الشرك الخفي والموحد الحقيقي الكامل هو الذي لا يحب إلا إياه، وهكذا الشرك في الاستعانة من صنوف الشرك الخفي