الشرك الأكبر، مستدلا بأن العبادة تتحقق بالتعظيم والخضوع والمحبة (1) فحضور الزائر عند القبور أو إقامة المأتم أو التوسل أو الاستشفاع بهم تعظيم لغيره تعالى وهو شرك في العبادة، وفيه منع واضح، لأن العبادة المصطلحة التي عبر عنها في اللغة العربية بالتأله وفي اللغة الفارسية ب " پرستش " لا تتحقق بمطلق التعظيم والخضوع والمحبة، ولذا لا يكون التعظيم والخضوع للنبي الأكرم - صلى الله عليه وآله - أو أوصيائه المكرمين - عليهم الصلاة والسلام - في زمان حياتهم عبادة، بل لا تكون تلك الأمور بالنسبة إلى غيرهم كالأب والام والمعلم ممن يلزم تعظيمهم عبادة، إذ العبادة هي التعظيم والخضوع في مقابل الغير بعنوان أنه رب يستحق العبادة، والزائر ومقيم المأتم وهكذا المتوسل بالنبي أو الأئمة والمستشفع بهم لا ينوي ذلك أبدا، بل يعتقد أن مثل النبي والأئمة - عليهم الصلاة والسلام - مخلوقون مربوبون والأمر بيد الله تعالى، وإنما زارهم لمجرد التعظيم والتبرك والتوسل اقتفاء بأئمة الدين والأصحاب والتابعين.
قال في كشف الارتياب: " ليس المراد من العبادة التي لا تصلح لغير الله وتوجب الشرك والكفر إذا وقعت لغيره مطلق التعظيم والخضوع بل عبادة خاصة لم يصدر شئ منها من أحد من المسلمين " (2) وهذا هو الفارق بين التوسل والاستشفاع بالرسول والأئمة - عليهم السلام - وبين عبادة المشركين لأصنامهم، فإنهم يعبدونها عبادة لا تليق إلا للرب تعالى، بخلاف من توسل إليهم واستشفع بهم فإنه تبرك بهم وجعلهم وسيلة للتقرب لما عرف من أنهم من المقربين عنده تعالى، وأين هذا من عبادة المشركين، والتفصيل يطلب من محله (3).