له فيه، ومعنى ظهر فيه أي ظهر منه " (1).
وعليه فظهور الرأي بالخصوص على خلاف الرأي السابق وتبدله، ليس داخلا في حاق لفظ البداء، لإمكان أن يتصور البداء لنفس الشئ، بأن يظهر نفسه بعد خفائه، كما أن المراد من الآية التي استدل بها في المفردات هو كذلك، فإن ما بدا لهم هو نفس ما لم يكونوا يحتسبون، كما يمكن أن يتصور البداء بظهور الشئ بعد عدمه، كظهور الموت بعد الحياة وبالعكس، ومرجع الظهور في الفرضين إلى الظهور منه تعالى للناس مطلقا سواء كان موتا أو حياة أو أجرا أو غير ذلك، فالبداء لا يختص بتبدل الرأي وظهوره على خلاف الرأي السابق مع اقترانه بالندامة كما هو المصطلح عند العامة، بل هو مصداق من مصاديق الظهور فالبداء أعم من تبدل الرأي، لما عرفت من أنه هو الظهور كما اختاره الشيخان - قدس سرهما - وصرح به المصباح المنير والمفردات، ومما ذكر يظهر ما في البحار حيث قال: " اعلم أنه لما كان البداء - ممدودا - في اللغة بمعنى ظهور رأي لم يكن، يقال: بدا الامر بدوا: ظهر، وبدا له في هذا الأمر بداء، أي نشأ له فيه رأي، كما ذكره الجوهري، فلذلك يشكل القول بذلك في جناب الحق تعالى، انتهى موضع الحاجة منه ".
لما عرفت من أن البداء في اللغة لا يختص بتلك الصورة، وقول الجوهري لا ينافي سائر أقوال اللغويين، لأنه فسره بأحد مصايقه، مع أن الآخرين صرحوا بأعمية البداء من ذلك، ولم يشترطوا فيه تبدل الرأي والندامة، هذا مضافا إلى أن كلا المعنيين مذكوران في عبارته كما لا يخفى، وعلى ما ذكر فإن أراد المصنف بقوله: " البداء في الانسان - الخ " تفسير البداء بذلك واختصاصه به، ففيه ما عرفت من عدم اختصاصه به، وإن أراد بذلك ذكر مصداق من مصاديقه