من التكامل الاختياري، هو إمكان جهة المخالف أيضا، فالتنزل والسقوط والعصيان والكفر ناش من سوء اختيارهم ولازم كونهم مختارين، وإلا فلا يحصل التكامل الاختياري، فالكفر أو العصيان الناشئ من سوء اختيارهم أيضا مراد تبعا لله تعالى، لأنه تعالى جعلهم مختارين، وإن لم يرض به لهم، بل المرضي هو أن يستفيدوا من الاختيار ويسلكوا مسلك الكمال والصلاح، فلا يخرج شئ في التكوين، عن ارادته ومشيته، غايته أن بعض الأمور مراد أصالة وبعضها مراد تبعا، وهذا التفصيل المستفاد من الرواية يصلح للجواب عن قبح استناد القبائح كالكفر والعصيان أو الشرور إليه ولو بواسطة الإنسان المختار فافهم واغتنم.
ويقرب منه ما رواه في الكافي عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: " من زعم أن الله يأمر بالسوء والفحشاء فقد كذب على الله، ومن زعم أن الخير والشر بغير مشيئة الله، فقد أخرج الله من سلطانه، ومن زعم أن المعاصي بغير قوة الله، فقد كذب على الله، ومن كذب على الله أدخله الله النار " (1).
وبالجملة هذه عمدة الأخبار الواردة في حقيقة الأمر بين الأمرين، ومعناها بعد حمل بعضها على بعض واضح، وكلها متفقة على أنه لا جبر بحيث لا يكون للعباد قدرة واختيار وعلى أنه تفويض بحيث خرج عمل العاملين عن سلطانه، بل خلق الناس مع القدرة والاختيار، فالخلق يستطيعون من الطاعات والمعاصي بالقدرة والاختيار المفاضة من ناحيته تعالى لأن يستفيدوا منها للاستكمال الاختياري، وهو الذي ذهب إليه المصنف كما سيأتي توضيحه إن شاء الله تعالى، فلا يكون شئ في عالم التكوين خارجا عن إرادته تعالى، وإنما