كثيرا، ولم يعص مغلوبا، ولم يطع مكرها، ولم يرسل الأنبياء لعبا، ولم ينزل الكتب للعباد عبثا، ولا خلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار.
79 - تفسير العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من زعم أن الله يأمر بالسوء والفحشاء فقد كذب على الله، ومن زعم أن الخير والشر بغير مشيته فقد أخرج الله من سلطانه، ومن زعم أن المعاصي عملت بغير قوة الله فقد كذب على الله ومن كذب على الله أدخله الله النار.
تتميم: قال العلامة رحمه الله في شرحه على التجريد: يطلق القضاء على الخلق والاتمام قال الله تعالى: " فقضيهن سبع سماوات في يومين " (1) أي خلقهن وأتمهن. وعلى الحكم والايجاب كقوله تعالى: " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه " (2) أي أوجب والزم.
وعلى الاعلام والاخبار كقوله تعالى: " وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب " (3) أي أعلمناهم وأخبرناهم. ويطلق القدر على الخلق كقوله تعالى: " فقدر فيها أقواتها " (4) والكتابة كقول الشاعر:
واعلم بأن ذا الجلال قد قدر * في الصحف الأولى التي كان سطر والبيان كقوله تعالى: " إلا امرأته قدرناها من الغابرين " (5) اي بينا وأخبرنا بذلك، إذا ظهر هذا فنقول للأشعري: ما تعني بقولك: إنه تعالى قضى أعمال العباد وقدرها؟ إن أردت به الخلق والايجاد فقد بينا بطلانه، وأن الافعال مستندة إلينا، وإن عني به الالزام لم يصح إلا في الواجب خاصة، وإن عني به أنه تعالى بينها و كتبها وعلم أنهم سيفعلونها فهو صحيح، لأنه تعالى قد كتب ذلك أجمع في اللوح المحفوظ وبينه لملائكته، وهذا المعنى الأخير هو المتعين للاجماع على وجوب الرضا بقضاء الله تعالى وقدره، ولا يجوز الرضا بالكفر وغيره من القبائح، ولا ينفعهم الاعتذار