بينا أن القبح عقلي لا سمعي (1) فالظاهر أن المراد منه هو الحكم العقلي بوجوب الصدور منه، وهو بظاهره لا يرفع إشكال بعض أهل السنة وغيرهم، من أنه لا يجب على الله تعالى شئ (2). اللهم إلا أن يقال: إن المراد من الحكم العقلي هو ادراك ضرورة صدوره منه، وعليه فيرجع ما ذهب إليه العلامة، إلى ما ذهب إليه الحكماء، كما أشار إليه المصنف. قال المحقق اللاهيجي: " إن تشنيع المخالفين في وجوب شئ على الله واستبعادهم، ناش عن قلة تدبرهم في مراد القوم من وجوب شئ بحكم العقل عليه تعالى، فإن مرادهم منه أن كل فعل من شأنه استحقاق مذمة فاعله لا يفعله الله ولا يصدر منه تعالى، وهكذا كل فعل حسن لو أخل به غيره استحق المذمة فهو تعالى منزه عن الإخلال به، وأما منع تصور الذم بالنسبة إليه تعالى فهو مجرد تهويل، لأن الذم مقابل المدح، والمدح مرادف أو مساو للحمد، وهو واقع في حقه، فما لا يعقل هو استحقاق الذم بالنسبة إليه تعالى لا تصور الذم " (3).
ويظهر مما ذكره المحقق اللاهيجي - قدس سره - في تصوير وجوب شئ عليه تعالى، أن الحكم العقلي ليس بمعنى أمر العقل حتى يستبعد في حقه تعالى، ويقال: كيف يمكن أن يكون هو تعالى منقادا لأمر العقل مع أنه مخلوق من مخلوقاته، فلو إنقاد لأمر العقل ونهيه لزم حاكمية العقل المخلوق، على خالقه، بل معناه ادراك ضرورة صدوره عنه وكونه منزها عن الإخلال به، هذا.
ثم إنه أجيب عن الاشكال أيضا، بما حاصله أن المراد من العقل ليس هو عقل الانسان، بل عقله تعالى، فالله تعالى هو الذي عقل الكل، وعقله يحكم بذاك، فلا يلزم حاكمية العقل المخلوق عليه، ورده بعض المحققين بأن الجواب