سياق الآيات يدل على أنها نازلة مرة واحدة والكل على سبيكة خاصة لا تهدف إلا إلى بيان حكم الصيام في شهر رمضان، فتقطيع الآيات أو حملها بحمل بعضها على شهر رمضان والبعض الآخر إلى غيره لا يساعده السياق وأنت إذا تأملت الآيات وجدتها كلاما موضوعا لبيان عرض واحد وذا سياق مثله، متسق الجمل، رائق المبيان.
فإذا حملت جملة على غير موضوع واحد (صيام شهر رمضان) لوجدت الآيات مختلة السياق، متطاردة الجمل يدفع بعضها بعضا.
ومن العجيب ما روي عن بعضهم من تسرب النسخ إلى بعض هذه الآيات ببعضها الآخر وهذا القول جدا ينزل الآيات عن روعتها وجمالها.
فلنأخذ بتفسير الآيات الثلاث بشكل موجز ونركز على المواضيع التي تصلح لأن تكون دليلا على الحكم الشرعي.
أما الآية الأولى: فتحكي عن فرض الصيام على المؤمنين كفرضه على الأمم الماضية والغاية من هذا الفرض هو كسب التقوى كما قال سبحانه:
* (لعلكم تتقون) * فإن الصائم يترك شهواته الطبيعية المباحة امتثالا لأمره واحتسابا للأجر عنده فتتقوى بذلك إرادته على ترك الشهوات الجامحة.
وأما الآية الثانية: فنفسرها جملة بعد أخرى:
قال سبحانه: * (أياما معدودات) * أي معينات بالعدد وقليلات، وليس شيئا كثيرا، وتنكير الأيام للدلالة على القلة والتحقير كقوله سبحانه: * (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة) * (يوسف / 20) وبما أن تلك الأيام مبهمات صارت الآية الثالثة مفسرة لها حيث قال: * (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) *.