هلم معي ندرس آراء المتزمتين في الأمور العادية ثم نبكي على الإسلام وأهله:
1 - يقول الشاطبي: إن من السلف من يرشد كلامه إلى أن العاديات كالعبادات، فكما أننا مأمورون في العبادات بأن لا نحدث فيها فكذلك العاديات، وهو ظاهر كلام محمد بن أسلم، حيث كره في سنة العقيقة مخالفة من قبله في أمر العاديين وهو استعمال المناخل، مع العلم بأنه معقول المعنى نظرا - والله أعلم - إلى أن الأمر باتباع الأولين على العموم غلب عليه جهة التعبد، ويظهر أيضا من كلام من قال: أول ما أحدث الناس بعد رسول الله، المناخل (1).
2 - يحكى عن الربيع بن أبي راشد، أنه قال: لولا أني أخاف من كان قبلي لكانت الجبانة مسكني إلى أن أموت، إذ السكنى أمر عادي بلا إشكال، ثم يقول:
وعلى هذا الترتيب يكون قسم العاديات داخلا في قسم العباديات فدخول الابتداع فيه ظاهر، والأكثرون على خلاف هذا (2).
3 - روى الغزالي: أن رجلا قال لأبي بكر بن عياش: " كيف أصبحت؟ " فما أجابه قال: دعونا من هذه البدعة (3).
4 - روى عن أبي مصعب صاحب مالك أنه قال: " قدم علينا ابن مهدي - يعني المدينة - فصلى ووضع رداءه بين يدي الصف، فلما سلم الإمام رمقه الناس بأبصارهم ورمقوا مالكا - وكان قد صلى خلف الإمام - فلما سلم قال: من هاهنا من الحرس؟ فجاءه نفسان، فقال: خذا صاحب هذا الثوب فاحبساه.
فحبس، فقيل له: إنه ابن مهدي، فوجه إليه وقال: أما خفت الله واتقيته أن وضعت ثوبك بين يديك في الصف وشغلت المصلين بالنظر إليه، وأحدثت في مسجدنا شيئا ما