ومن الزعم الباطل حمل الأيام المعدودات على غير رمضان أعني ثلاثة أيام من كل شهر (وعينها بعضهم بأنها الأيام البيض الثالثة عشر وما بعدها) ثم نسخها بالآية التالية أي آية شهر رمضان...، وقد عرفت أن هذا النوع من التفسير تلاعب بآيات القرآن وتفسير بلا دليل، والآيات الثلاث منظومة واحدة لها دلالة واحدة وتركيز على شئ واحد لا تتجاوز عن بيان حكم شهر رمضان صياما وإفطارا.
قال سبحانه: * (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) *.
استثنى سبحانه صنفين: المريض والمسافر، والفاء للتفريع، والجملة متفرعة على قوله: * (كتب عليكم الصيام) * وعلى قوله: * (أياما معدودات) * فنبه بالاستثناء على أنه لو عرض عارض فهو يوجب ارتفاع الحكم عن الأيام المعدودات، أعني: شهر رمضان، لا عن صيام عدة من أيام أخر خارج شهر رمضان تساوي ما فات المكلف من صيام الأيام عددا فيكون مفاد الآية: هو: أن المفروض عليهم القضاء بعد شهر رمضان، وعلى هذا فقوله: * (فعدة من أيام أخر) *.
وعلى هذا المعنى فالآية بدلالتها المطابقية تفرض عليهما القضاء الذي هو يلازم عدم فرض الصيام عليهما وهذا يدل على أن الإفطار عزيمة إذ المكتوب عليهما من أول الأمر هو القضاء.
ثم إن القائلين بالرخصة لما رأوا أن ظاهر الآية تدل على أن المفروض عليهم هو القضاء لا الأداء حاولوا تطبيق الآية على ما يتبنونه من الرخصة فقدروا لفظة " فأفطر " وقالوا: إن معنى الآية فمن كان منكم مريضا أو على سفر فأفطر، فعليه عدة من أيام آخر، ولو لم يفطر فلا.
تلاحظ عليه أمور:
1 - إن التقدير يحتاج إلى دليل، والأصل هو عدم التقدير ولولا كون الرخصة