المحاولة الأولى:
إن تعارض الآيات والرواية من قبيل تعارض المطلق والمقيد، فلا مانع من الجمع بينهما بحمل الأولى على الحياة الحاضرة، والثانية على الحياة الآخرة (1).
يلاحظ عليه: بأن الجمع بين الآيات والرواية على نحو ما ذكر أشبه بمحاولة فقيه إذا فوجئ بروايتين تكون النسبة بينهما هو العموم والخصوص المطلق، فيجمع بينهما بحمل المطلق على المقيد، ولو صح ما ذكر فإنما هو في المسائل الفرعية لا العقائدية، وليست الآيات الواردة فيها كالمطلق، والحديث كالمقيد، بل هي بصدد بيان العقيدة الإسلامية على أنه سبحانه فوق أن تناله الرؤية وإن من تمناها فإنما تمنى أمرا محالا.
والدافع إلى هذا الجمع إنما هو تزمتهم بالروايات وتلقيهم صحيح البخاري وغيره صحيحا على الإطلاق لا يقبل النقاش والنقد، فلم يكن لهم محيص من المعاملة بالروايات والآيات معاملة الإطلاق والتقيد، ولأجل ذلك فكلما تليت هذه الآيات للقائلين بالجواز يجيبون بأن الجميع يعود إلى هذه الدنيا ولا صلة له بالآخرة، ولكنهم غافلون عن أن الآيات تهدف في تنديدها و توبيخها إلى ملاحظة طلب نفس الرؤية بما هي هي، بغض النظر عن الدنيا والآخرة، ولا صلة لها بظرف السؤال، فحمل تلك الآيات على ظرف خاص تلاعب بالكتاب العزيز وتقديم للسنة على القرآن واعتماد على الظن مكان وجود القطع واليقين.
وأيمن الله لو لم يكن في الصحاح حديث قيس بن أبي حازم وغيره لما كان لديهم أي وازع على تأويل الآيات.