مفهوم الآية عند عرضها على عربي صميم:
لا شك أننا إذا عرضا الآية على عربي صميم لم يتأثر ذهنه بالمناقشات الكلامية الدائرة بين النفاة والمثبتين وطلبنا منه أن يبين الإطار العام للآية ومفادها ومنحاها وأنها بصدد بيان امتناع الرؤية أو جوازها؟ يجيب بصفاء ذهنه بأن الإطار العام لها هو تعاليه سبحانه عن الرؤية وأن سؤاله أمر عظيم فظيع لا يمحى أثره إلا بالتوبة، ففهم ذلك العربي حجة لنا لا يجوز لنا العدول عنها، والقرآن نزل بلسان عربي مبين ولم ينزل بلسان المتكلمين أو المجادلين.
كما أنا إذا أردنا أن نفسر مفاد الآية تفسيرا صناعيا، فلا شك أنه يدل أيضا على تعاليه عنها وذلك بوجوه:
1 - الإجابة بالنفي المؤبد:
لما سأل موسى رؤية الله تبارك وتعالى أجيب ب * (لن تراني) * والمتبادر من هذه الجملة أي قوله * (لن تراني) * هو النفي الأبدي الدال على عدم تحققها أبدا.
والدليل على ذلك هو تتبع موارد استعمال كلمة " لن " في الذكر الحكيم، فلا تراها متخلفة عن ذلك حتى في مورد واحد.
1 - قال سبحانه: * (إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له) * (الحج - 73).
2 - * (إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) * (التوبة - 80).
3 - * (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم) * (محمد - 34).