ما يدل على استحباب السفر:
يمكن الاستدلال على استحباب السفر بوجوه كثيرة لكننا نقتصر على وجهين:
الأول: إطباق السلف والخلف على السفر للزيارة:
وهذا لا يمكن لأحد إنكاره، وقد استمرت السيرة قرونا عديدة، وممن أوضح تلك السيرة الفقيه السبكي، بقوله:
1 - إن الناس لم يزالوا في كل عام إذا قضوا الحج يتوجهون إلى زيارته (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومنهم من يفعل ذلك قبل الحج، هكذا شاهدناه وشاهده من قبلنا، وحكاه العلماء عن الأعصار القديمة، كما ذكرناه في الباب الثالث، وذلك أمر لا يرتاب فيه، وكلهم يقصدون ذلك ويعرجون إليه، وإن لم يكن طريقهم، ويقطعون فيه مسافة بعيدة وينفقون فيه الأموال، ويبذلون فيه المهج، معتقدين أن ذلك قربة وطاعة، وإطباق هذا الجمع العظيم من مشارق الأرض ومغاربها على مر السنين. وفيهم العلماء والصلحاء وغيرهم، يستحيل أن يكون خطأ، وكلهم يفعلون ذلك على وجه التقرب به إلى الله عز وجل، ومن تأخر عنه من المسلمين فإنما يتأخر بعجز أو تعويق المقادير، مع تأسفه عليه و وده لو تيسر له، ومن ادعى أن هذا الجمع العظيم مجمعون على خطأ فهو المخطئ (1).
إن جريان السيرة على السفر في القرون الماضية بلغ في الوضوح ما لم يستطع أحد أن ينكره، حتى أن الحنبلي المقدسي الذي أفرد كتابا في الرد على السبكي لم يتعرض للسيرة وما تحدث عنها بكلمة مع أنه كان بصدد نقد الكتاب، ولأجل أن