السادسة: إنه إذا أخذنا برواية أحد الثقلين (أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)) تصبح إقامة النوافل جماعة، بدعة على الإطلاق، وإن أخذنا برواية الشيخين فالمقدار الثابت ما جاء في كلام القسطلاني، والزائد عنه يصبح بدعة إضافية، حسب مصطلح الإمام الشاطبي والمقصود منها ما يكون العمل بذاته مشروعا، والكيفية التي يقام بها غير مشروعة.
ولم يبق ما يحتج به على المشروعية إلا جمع الخليفة الناس على إمام واحد، ويحتج بعمله على مشروعية الإتيان بها جماعة في عصر الرسالة إلا أن الخليفة أبدع وحدة الإمام بعد ما كان الناس أوزاعا، وهو ما نشرحه في البحث التالي:
جمع الناس على إمام واحد في عصر عمر:
روى البخاري: توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والناس على ذلك (يعني ترك إقامة التراويح بالجماعة) ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر، وصدرا من خلافة عمر (1).
وروى أيضا عن عبد الرحمان بن عبد القاري أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل بصلاته الرهط (2)، فقال عمر:
إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل. ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب. ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون - يريد آخر الليل - وكان الناس يقومون أوله.