1 - نسخ الكتاب بالإجماع الكاشف عن النص:
إن الطلاق الوارد في الكتاب منسوخ، فإن قلت: ما وجه هذا النسخ وعمر - رضي الله عنه - لا ينسخ، وكيف يكون النسخ بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قلت: لما خاطب عمر الصحابة بذلك فلم يقع إنكار، صار إجماعا، والنسخ بالإجماع جوزه بعض مشايخنا، بطريق أن الاجماع موجب علم اليقين كالنص فيجوز أن يثبت النسخ به، والإجماع في كونه حجة أقوى من الخبر المشهور.
فإن قلت: هذا إجماع على النسخ من تلقاء أنفسهم فلا يجوز ذلك في حقهم، قلت: يحتمل أن يكون ظهر لهم نص أوجب النسخ ولم ينقل إلينا (1).
يلاحظ عليه أولا: أن المسألة يوم أفتى بها الخليفة، كانت ذات قولين بين نفس الصحابة، فكيف انعقد الاجماع على قول واحد، وقد عرفت الأقوال في صدر المسألة. ولأجل ذلك نرى البعض الآخر ينفي انعقاد الاجماع البتة ويقول: وقد أجمع الصحابة إلى السنة الثانية من خلافة عمر على أن الثلاث بلفظ واحد واحدة، ولم ينقض هذا الاجماع بخلافه، بل لا يزال في الأمة من يفتي به قرنا بعد قرن إلى يومنا هذا " (2).
وثانيا: أن هذا البيان يخالف ما برر به الخليفة عمله حيث قال: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم، ولو كان هناك نص عند الخليفة، لكان التبرير به هو المتعين.
وفي الختام نقول: أين ما ذكره صاحب العمدة مما ذكره الشيخ صالح بن محمد العمري (المتوفى 1298) حيث قال: إن المعروف عند الصحابة والتابعين