وبغض النظر عما ذكرنا من تفسير الزيادة على الاستحقاق أن ما بعد الآية قرينة واضحة على أن المراد من " زيادة " هو الزيادة على الاستحقاق، ومفاد الآيتين هو تعلق مشيئته سبحانه على جزاء المحسنين بأكثر من الاستحقاق وجزاء المسيئين بقدر جرائمهم، قال سبحانه بعد هذه الآية * (والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) * (يونس - 27).
أفبعد هذا السياق الرافع للإبهام يصح لكاتب عربي واع أن يستدل بالآية على الرؤية.
وبذلك يظهر عدم دلالة ما يشابه هذه الآية مدلولا على مدعاهم، قال سبحانه: * (ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود * لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد) * (ق - 34 - 35) فإن المراد أحد المعنيين، إما زيادة على ما يشاؤونه ما لم يخطر ببالهم ولم تبلغهم أمانيهم، أو الزيادة على مقدار استحقاقهم من الثواب بأعمالهم. وأما ما رواه مسلم فسيوافيك القضاء الحق عند البحث عن الرؤية في الروايات. وأن الآحاد في باب العقائد غير مفيدة خصوصا إذا كانت مضادة للقرآن.
الآية الثالثة: رؤية الملك:
* (وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا) * (الإنسان - 20).
قال الرازي: فإن إحدى القراءات في هذه الآية في * (ملكا) * بفتح الميم وكسر اللام وأجمع المسلمون على أن ذلك الملك ليس إلا الله تعالى. وعندي أن التمسك بهذه الآية أقوى من التمسك بغيرها (1).