الاعتداد وإحصاء العدة، من غير فرق بين أن نقول أن " اللام " في * (عدتهن) * للظرفية بمعنى " في عدتهن " أو بمعنى الغاية، والمراد لغاية أن يعتددن، إذ على كل تقدير يدل على أن من خصائص الطلاق الذي يجوز فيه الرجوع، هو الاعتداد وإحصاء العدة، وهو لا يتحقق إلا بفصل الأول عن الثاني، وإلا يكون الطلاق الأول بلا عدة وإحصاء لو طلق اثنتين مرة. ولو طلق ثلاثا يكون الأول والثاني كذلك.
وقد استدل بعض أئمة أهل البيت بهذه الآية على بطلان الطلاق ثلاثا.
روى صفوان الجمال عن أبي عبد الله (عليه السلام): أن رجلا قال له:
إني طلقت امرأتي ثلاثا في مجلس واحد؟ قال: ليس بشئ، ثم قال: أما تقرأ كتاب الله: * (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن - إلى قوله سبحانه: - لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) * ثم قال: كل ما خالف كتاب الله والسنة فهو يرد إلى كتاب الله والسنة (1).
أضف إلى ذلك: أنه لو صح التطليق ثلاثا فلا يبقى لقوله سبحانه: * (لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) * فائدة لأنه يكون بائنا ويبلغ الأمر إلى ما لا تحمد عقباه، ولا تحل العقدة إلا بنكاح رجل آخر وطلاقه مع أن الظاهر أن المقصود حل المشكل من طريق الرجوع أو العقد في العدة.
ثانيا: الاستدلال عن طريق السنة:
قد تعرفت على قضاء الكتاب في المسألة، وأما حكم السنة، فهي تعرب عن أن الرسول كان يعد مثل هذا الطلاق لعبا بالكتاب.