تضافر الروايات على لزوم القصر من طرق أهل السنة:
صرح المحققون من أهل السنة والجماعة بأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في عامة أسفاره كان ملتزما بالإتيان بالصلوات الرباعية قصرا ولم يثبت أنه أتم.
قال ابن قدامة: " أما السنة فقد تواترت الأخبار أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقصر في أسفاره حاجا ومعتمرا وغازيا " (1).
وقال ابن قيم الجوزية: " وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يقصر الرباعية فيجعلها ركعتين من حين يخرج مسافرا إلى أن يرجع إلى المدينة، ولم يثبت أنه أتم الرباعية في سفره البتة " (2).
وهذه السيرة المباركة القطعية إن دلت على شئ، فإنما تدل على وجوب قصر الصلاة في السفر، لأنه لو كان القصر رخصة لأتم في بعض أسفاره في ملأ من الناس حتى لا يظنوا بأن القصر عزيمة ومرض. كما هو ديدنه في فعل المستحبات فضلا عن المباحات، إذ كان ربما يتركها لئلا يتصور الناس أنها فريضة.
وإليك نماذج من الروايات الحاكية لسنة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وعمل أصحابه به حول القصر في الصلاة والتي يستفاد منها أن القصر عزيمة:
1 - ما روي عن يعلى بن أمية أنه قال: قلت لعمر بن الخطاب: * (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) * فقد أمن الناس، فقال: عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن ذلك فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته " رواه الخمسة إلا البخاري (3).