المحاولة الثانية:
لقد تصدى أبو الحسن الأشعري للإجابة عن الآيات الأخيرة وزعم أن الاستعظام إنما كان لطلبهم الرؤية تعنتا وعنادا قال: " إن بني إسرائيل سألوا رؤية الله عز وجل على طريق الإنكار لنبوة موسى وترك الإيمان به حتى يروا الله لأنهم قالوا: * (لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة) * فلما سألوه الرؤية على طريق ترك الإيمان بموسى (عليه السلام) حتى يريهم الله من غير أن تكون الرؤية مستحيلة عليه، كما استعظم الله سؤال أهل الكتاب أن ينزل عليهم كتابا من السماء من غير أن يكون ذلك مستحيلا ولكن لأنهم أبوا أن يؤمنوا بنبي الله حتى ينزل عليهم من السماء كتابا (1).
يلاحظ عليه أولا: أن ما ذكره من أن الاستعظام لأجل كون طلبهم كان عن عناد، وتعنت لا لطلب معجزة زائدة، لو صح فإنما يصح في غيره هذه الآيات، أعني في قوله سبحانه: * (وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتو عتوا كبيرا) * (الفرقان - 21) لا في ما تلوناه من الآيات فإن الظاهر منها أن الاستعظام والاستفظاع راجعان إلى نفس السؤال بشهادة قوله: * (فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم) * (النساء - 153) والذي يوضح ذلك أن التوبيخ والتنديد راجعان إلى نفس السؤال، مع غض النظر عن سبب السؤال وهل هو لغاية زيادة العلم أو للعتو؟ أمور:
1 - أنه سبحانه سمى سؤالهم ظلما وتعديا عن الحد.
2 - أن موسى سمى سؤالهم، سؤالا سفيها.
3 - عندما طلب موسى الرؤية أجيب بالخيبة والحرمان، ولم يكن سؤاله عن