ولكن الرازي ناقش في هذه المقالة وقال:
" ظاهر الحال يقتضي أن تكون هذه القصة مغايرة للقصة المتقدمة، لأن الأليق بالفصاحة إتمام الكلام في القصة الأولى في وضع واحد ثم الانتقال منها بعد تمامها إلى غيرها، فأما ذكر بعض القصة (سؤال موسى الرؤية) ثم الانتقال منها إلى قصة أخرى (اتخاذ العجل ربا) ثم الانتقال منها بعد تمامها إلى بقية الكلام في القصة الأولى (سؤال قوم موسى) يوجب نوعا من الخبط والاضطراب والأولى صون كلام الله تعالى عنه (1).
والجواب: أنه سبحانه أخذ ببيان قصة مواعدة موسى ثلاثين ليلة من آية 142 وختمها في الآية 155 فالمجموع قصة واحدة كسبيكة واحدة، ولكن سبب العود إلى ما ذكر في أثناء القصة في آخرها هو إبراز العناية بسؤال الرؤية وأنه كان مسألة مهمة في حياة بني إسرائيل.
فقد اتضح مما ذكرنا عدم دلالة الآية على إمكان رؤيته سبحانه بطلب موسى.
الشبهة الثانية: تجليه على الجبل:
إن تجليه سبحانه للجبل هو رؤية الجبل رب العالمين، وهو لما رآه سبحانه اندكت أجزاؤه، فإذا كان الأمر كذلك ثبت أنه تعالى جائز الرؤية، وأقصى ما في الباب أن يقال: الجماد جماد، والجماد يمتنع أن يرى شيئا، إلا أن نقول: لا يمتنع أن يقال: إنه تعالى خلق في ذلك الجبل الحياة والعقل والفهم ثم خلق فيه الرؤية متعلقة بذات الله (2).