التطوع من الطوع مقابل الكره، وهو الإتيان بالفعل بالرضا والرغبة، واختلف المفسرون في تفسير تلك الجملة إلى أقوال، فمنهم من قال بأن المراد أن يزيد على إطعام المسكين (1) وفسرها صاحب المنار بأن المراد من زاد على تلك الأيام المعدودات بأن صام غير شهر رمضان أيضا (2).
والظاهر عدم صحتهما لأنه سبحانه لم يقل من تطوع زيادة، بل قال: من تطوع خيرا، فليست الزيادة موردا للنظر بل المراد من أتى بالصوم عن طوع ورغبة فهو خير له يثاب بعمله، وكأنه سبحانه ضرب قاعدة كلية بأن من تطوع الخير والصلاح فهو خير له.
قال سبحانه: * (وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون) *.
أي الصيام خير لكم لما فيه من تربية النفس وتغذية الإيمان وزيادة التقوى وهو حكم كلي لا صلة له بمن سبق من الأصناف السابقة.
إن القائلين بكون الإفطار رخصة يتمسكون بتلك الجملة ويزعمون بأن الخطاب فيها لأهل الرخص وإن الصيام في رمضان خير لهم من الترخيص بالإفطار.
يلاحظ عليه: أن الحكم بكون الصوم خيرا لهم غير مطرد إذ ربما يكون الصوم ضارا بالمريض والمسافر فكيف يقول سبحانه: * (وأن تصوموا خير لكم) * ، بصورة قضية كلية عامة؟
أضف إلى ذلك أن الظاهر أن الجملة خطاب لجميع المؤمنين الذين سبق ذكرهم في الآية الأولى، حيث قال سبحانه: * (يا أيها الذين آمنوا) * فيخاطبهم مرة ثانية * (وأن تصوموا خير لكم) * فهو خطاب للمؤمنين قاطبة لا أنه خطاب