واطراح الشرع، وكل ما كان بهذه المثابة فمحال أن ينقسم إلى حسن وقبيح (1) وأن يكون منه ما يمدح منه وما يذم، إذ لا يصح في معقول ولا منقول استحسان مشاقة الشارع (2).
إلى هنا تم الكلام في تحديد البدعة من حيث كون الموضوع بسيطا ومركبا، ويترتب عليه أنه لا تعم البدعة غير الشريعة كالعادات والصناعات والاعلام وغيرها، بل يستخرج حكمها من الكتاب والسنة بنفس عناوينها، لا بما هي بدعة، فربما تكون حلالا وأخرى حراما، لكن ليس كل حرام بدعة، كما سيوافيك بيانه.
2 - البدعة إشاعة ودعوة:
إذا كانت البدعة هي إدخال ما ليس في الدين فيه أو نقصه منه في مجال العقيدة والشريعة، فهل يتحقق مفهومها بقيام الشخص بذلك العمل، وحده في بيته ومنزله، كأن يزيد في صلاته ما ليس فيها أو ينقص منها شيئا، أو أنه ليس ببدعة وإن كان عمله باطلا وبفعله عاصيا؟ بل إنما البدعة تتوقف على إشاعة فكرة خاطئة في العقيدة، أو عمل غير مشروع في المجتمع ودعوتهم إليه بعنوان أنه من الشرع، ولك أن تستظهر ذلك القيد من الآيات والروايات، فإن عمل المشركين في التحليل والتحريم لم يكن عملا شخصيا في الخفاء، بل إن المبتدع الأول قد أحدث فكرة وأشاعها، ودعا الناس إليها، كما كان الحال كذلك في الرهبان والأحبار، ويشهد على ذلك بوضوح ما رواه مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول