أما الكتاب فقوله تعالى: * (أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون) * (البقرة - 184).
تقريبه:
إن قوله * (وأن تصوموا خير لكم) * راجع إلى المسافر فهو يدل مضافا إلى جواز الصيام في السفر، يدل على أفضليته فيه وينتج أن الإفطار رخصة والصيام أفضل.
يلاحظ عليه: أولا: أن الاستدلال إنما يتم لو لم نقل بأن الآية الثانية * (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن...) * ناسخة للآية المتقدمة برمتها ومنها قوله: * (وأن تصوموا خير لكم) *. وإلا فعلى القول بالنسخ كما رواه الإمام البخاري يسقط الاستدلال وإليك ما روى: قال: (باب وعلى الذين يطيقونه فدية) قال ابن عمر وسلمة بن الأكوع: نسختها * (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر...) * (1).
وثانيا: أن الاستدلال مبني على أن لا يكون قوله سبحانه: * (وأن تصوموا خير لكم) * ناسخا لقوله: * (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له) * كما رواه الإمام البخاري عن ابن أبي ليلى أنه حدثه أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): نزل رمضان فشق عليهم فكان من أطعم كل يوم مسكينا ترك الصوم ممن يطيقه ورخص لهم في ذلك فنسختها: * (وأن تصوموا خير لكم) * فأمروا بالصوم (2).