وفي هذا الأثر موافقة سيدنا عمر بن الخطاب (رض) على اتخاذ اليوم الذي حدثت فيه نعمة عظيمة، عيدا لأن الزمان ظرف للحدث العظيم، فعند عود اليوم الذي وقعت فيه الحادثة كان موسما لشكر تلك النعمة، وفرصة لإظهار الفرح والسرور (1).
نرى أن المسيح عندما دعا ربه أن ينزل مائدة عليه وعلى حوارييه قال:
* (اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين) * (المائدة - 114).
فقد اتخذ يوم نزول النعمة المادية التي تشبع البطون عيدا، والرسول الأكرم نعمة عظيمة من بها الله على المسلمين بميلاده، فلم لا نتخذه يوم فرح وسرور؟
الاستدلال بالإجماع:
ذكروا أن أول من أقام المولد هو الملك المظفر صاحب إربل، وقد توفي عام 630 ه، وربما يقال: أول من أحدثه بالقاهرة الخلفاء الفاطميون، أولهم المعجز لدين الله، توجه من المغرب إلى مصر في شوال 361 ه، وقيل في ذلك غيره، وعلى أي تقدير فقد احتفل المسلمون حقبا وأعواما من دون أن يعترض عليهم أي ابن أنثى، وعلى أي حال فقد تحقق الإجماع على جوازه وتسويغه واستحبابه قبل أن يولد باذر هذه الشكوك، فلماذا لم يكن هذا الإجماع حجة؟
مع أن اتفاق الأمة بنفسه أحد الأدلة، وكانت السيرة على تبجيل مولد النبي إلى أن جاء ابن تيمية، والعز بن عبد السلام (2)، والشاطبي فناقشوا فيه ووصفوه بالبدعة، مع أن الإجماع انعقد قبل هؤلاء بقرنين أو قرون، أوليس انعقاد الإجماع في عصر من العصور حجة بنفسه؟