ثالثا: مخالفة السنة، حيث ترك مثل هذا العمل مع ظهور ما يقتضي فعله في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه، وعلى فرض أنه وقع في بعض الأحيان فالأمر الأشهر والأكثر عدم فعله كما في سجود الشكر حيث لم يداوم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والصحابة عليه وإن ورد.
رابعا: أن العمل بمثل هذه الأمور قد يؤدي إلى اعتقاد ما ليس بسنه سنة، وكذلك فالمداومة على فعل لم يداوم عليه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قد تؤدي إلى اعتقاد النافلة سنة، وهذا فساد عظيم لأن اعتقاد ما ليس بسنة سنة، والعمل به على حد العمل بالسنة، نحو من تبديل الشريعة، وعلى ذلك كان قطع عمر للشجرة التي يتبرك بها الصحابة، ونهيه الصحابي عن الإحرام من بلده، ونحو ذلك ونهيه عن إتيان المساجد التي صلى فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولذلك كان مالك بن أنس وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد وتلك الآثار للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما عدا " قباء " وحده، وأيضا كان مالك يكره المجيئ إلى بيت المقدس خيفة أن يتخذ ذلك سنة، وكان يكره مجيئ قبور الشهداء ويكره مجيئ " قباء " خوفا من ذلك (1).
يلاحظ على هذا التقسيم: أنه لا طائل تحته ويعلم ذلك ببيان أمرين:
1 - شمول الدليل لجميع الحالات والكيفيات:
أن مورد النقاش ما إذا كان لدليل العمل العبادي إطلاق يعم جميع الصور والكيفيات بأن كان جميع الحالات والصور المتصورة له، أمرا مسوغا يشمله الدليل بإطلاقه أو عمومه وسعة دلالته، مثلا إذا دل الدليل على استحباب قراءة القرآن مطلقا من غير تقييد بحالة خاصة فعم جميع الحالات سواء أكانت بهيئة الانفراد أم بهيئة الاجتماع.