1 - التدخل في الدين بزيادة أو نقيصة:
هل إن الموضوع في المصدرين هو نفس البدعة أو خصوص البدعة في الدين؟ فلو قلنا بأن الموضوع نفس البدعة بسيطا، سواء كان الإحداث والإبداع راجعا إلى صميم الدين أو غيره، فيكون الحكم بحرمة ذلك الموضوع الواسع أمرا غير ممكن ولأجل ذلك لجأ أصحاب ذلك القول إلى تقسيمها إلى أقسام خمسة حسب انقسام الأحكام.
وأما إذا كان الموضوع هو الأمر المركب، أي البدعة في الدين، فذلك له حكم واحد لا يقبل التخصيص ولا تعلم صحة أي النظرتين إلا بدراسة الآيات والروايات.
إن دراسة ما سبق من النصوص تثبت بوضوح على أن الموضوع في الكتاب والسنة هو البدعة في الدين لا مطلقها، فلو كان الكتاب والسنة يتكلمان فيها فإنما يتكلمان فيها باسم الدين والشريعة وعن البدعة فيهما، لأن كل متكلم إنما يتكلم في إطار اختصاصه ومقامه وحسب شأنه، فالكتاب العزيز كتاب إلهي جاء لهداية الناس إلى ما فيه مرضاة الله بتشريعه القوانين والسنن، والنبي الأكرم مبعوث لتبيان ذلك الكتاب بأقواله وأفعاله وتقريراته قال تعالى: * (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما أنزل إليهم ولعلهم يتفكرون) * (النحل - 44).
وعلى ضوء ذلك فإن الكتاب والسنة يتكلمان بتلك الخصوصية التي يمتلكانها، فإذا تكلما عن البدعة فإنما يتكلمان عن البدعة الواردة في حوزتهما وقيد الدين والشريعة وإن لم يذكرا في متون النصوص غالبا، لكنهما مفهومان من القرائن الموجودة فيها فلا عبرة بالإطلاق بعد القرائن الحافة على الكلام، هذا ما نستنبطه من مجموع الخطابات الواردة في الأدلة قبل دراسة أي واحد منها تفصيلا.