وتوقفنا على أن القضية لم تنقل على وجه الدقة، وذلك ما رواه زيد بن ثابت حيث قال: " احتجر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حجيرة بخصفة أو حصير فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يصلى فيها، قال: فتتبع إليه رجال وجاءوا يصلون بصلاته، ثم جاءوا ليلة فحضروا وأبطأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عنهم فلم يخرج إليهم، فرفعوا أصواتهم، وحصبوا الباب، فخرج إليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مغضبا فقال لهم: " ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيكتب عليكم، فعليكم الصلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة " رواه مسلم (1).
وأما ما ورد من طرق الخاصة فأصرح في النهي، بل هو صريح في كون التنفل جماعة في رمضان بدعة ومعصية.
والذي ينسبق إلى الذهن من ملاحظة مجموع الروايات أن القضية لم تنقل بحذافيرها في كل واحدة منها، وإن الطائفة الأولى التي توهم استفادة مشروعية التراويح منها، لم تذكر إلا جانبا واحدا من القضية، وأغفل رواتها بقية الجوانب إما عمدا أو سهوا، وإذا أردنا أن نستنبط حكما شرعيا فعلينا أن ننظر إلى مجموعها.
والذي يظهر من المجموع أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما التفت إلى اقتداء المسلمين به نهاهم عن ذلك ولم يقرر عملهم، وأما سكوته في الليلة الأولى أو الثانية، فهو لمصلحة خاصة، ولعلها كانت من أجل طرح الردع والنهي عن الإتيان بها جماعة بحضور ملأ عظيم من الناس حتى تتناقله الجماهير كي لا يقع في بقعة النسيان.
الثانية: ما معنى قوله: " خشيت أن تفرض عليكم. فتعجزوا عنها "؟
وهل مفاده: أن التشريع تابع لإقبال الناس وإدبارهم، فلو كان هناك اهتمام ظاهر من الناس، فيفرض عليهم، وإذا كان إدبار، فلا يفرض عليهم؟!
مع أن الملاك في الفرض هو وجود مصالح واقعية في المتعلق، سواء أكان