هناك اهتمام ظاهر أم لا. إن تشريعه سبحانه ليس تابعا لرغبة الناس أو إعراضهم، وإنما يتبع لملاكات هو أعلم بها سواء أكان هناك إقبال أم إدبار.
قال ابن حجر في شرح جملة " إلا أني خشيت أن تفرض عليكم ": إن ظاهر هذا الحديث أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) توقع ترتب افتراض الصلاة بالليل جماعة على وجود المواظبة عليها - ثم قال: - وفي ذلك إشكال (1).
ولكن ابن حجر لم يبين مقصوده من الإشكال ويمكن أن يكون إشارة - مضافا إلى ما ذكرنا من أن الأحكام تابعة للملاكات الواقعية لا لرغبة الناس بها وعنها - إلى أن كثيرا من الأعمال المستحبة واظب عليها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمون ولم يخش الافتراض عليهم، وبعض الأحكام الواجبة لم يواظب عليها كثير من المسلمين حتى في زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فضلا عما بعده ولم يتغير حكمها من الوجوب إلى عدمه، مثل حكم الجهاد الذي تقاعس عنه بعض المسلمين فواجههم الله سبحانه بالتقريع والتبكيت في مثل قوله سبحانه: * (وما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض) * (التوبة - 38).
أضف إلى ذلك أن هذه الخشية تتنافى والأحاديث الناصة على أن الفرائض خمس لا غير، قال العسقلاني: " وقد استشكل الخطابي أصل هذه الخشية مع ما ثبت في حديث الإسراء من أن الله تعالى قال: هن خمس وهن خمسون، لا يبدل القول لدي، فإذا أمن التبديل فكيف يقع الخوف من الزيادة؟ " (2).
نعم ذكر العسقلاني في فتح الباري وكذلك القسطلاني في إرشاد الساري من هنا وهناك عدة أجوبة، لكنها جميعا توجيهات باردة وتمحلات واهية لا تغني ولا تسمن من جوع.
وقد حكى عن صاحب شرح التقريب بعد أن ذكر تلك الأجوبة أنه قال: