" ومع هذا فإن المسألة مشكلة ولم أر من كشف الغطاء في ذلك " (1). وإن هذه الإشكالات الواردة والتي بقيت بلا جواب تجعل الإنسان يشكك في صحة انتساب هذه الجملة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيحتمل قويا أنها موضوعة.
الثالثة: لو افترضنا أن الصحابة أظهرت اهتمامها بصلاة التراويح بإقامتها جماعة أفيكون ذلك ملاكا للفرض على غيرهم ولم تكن نسبة الحاضرين إلى الغائبين إلا شيئا لا يذكر، فإن مسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يومذاك كان مكانا محدودا لا يسع إلا ما يقارب ستة آلاف نفر أو أقل، فقد جاء في الفقه على المذاهب الخمسة: " كان مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) 35 مترا في 30 مترا ثم زاده الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعله 57 مترا في 50 مترا " (2). أفيمكن جعل اهتمامهم كاشفا عن اهتمام جميع الناس بها في جميع العصور إلى يوم القيامة؟!
الرابعة: وجود الاختلاف في عدد الليالي التي أقام النبي فيهما نوافل رمضان جماعة.
فعلى ما نقله البخاري في كتاب الصوم أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) صلى التراويح مع الناس ثلاث ليال، وعلى ما نقله في باب التحريض على قيام الليل، أنه صلاها ليلتين، ووافقه مسلم في كلا النقلين ويظهر مما ذكره غيرهما - كما مر في صدر المقال - أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أقامها في ليال متفرقة (ليلة الثالث، والخامس، والسابع والعشرين). وهذا يعرب عن عدم الاهتمام بنقل فعل الرسول على ما عليه، فمن أين تطمئن على سائر ما جاء فيه من أن النبي استحسن عملهم؟!
الخامسة: إن الثابت من فعل النبي، أنه صلاها ليلتين، أو أربع في آخر الليل، وهي لا تزيد عن ثماني ركعات، فلو كان النبي أسوة فعلينا الاقتداء به فيما