إنك أهلتني لأمر طالت الأعناق فيه، فلما له توجهت رددتني عنه، قال صلى الله عليه وآله وسلم:
الأمين هبط إلي عن الله تعالى، أنه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، وعلي مني ولا يؤدي عني إلا علي. (1) أقول: والأخبار في هذا الباب متواترة من الجانبين، وقد ذكر في غاية المرام ثلاثة وعشرين خبرا من طريقهم، وستة عشر من طريقنا. (2) ومن جملة ما رواه عن طريقهم: ما رواه عن الجمع بين الصحاح الستة لرزين العبدري، في الجزء الثاني، في تفسير سورة براءة من صحيح أبي داود - وهو السنن - وصحيح الترمذي، قال عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر وأمره أن ينادي في الموسم ببراءة، ثم أردفه عليا فبينا أبو بكر في بعض الطريق، إذ سمع رغاء ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الغضباء، فقام أبو بكر فزعا يظن أنه حدث أمر، فدفع إليه علي كتابا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن عليا ينادي بهؤلاء الكلمات، فإنه لا ينبغي أن يبلغ عني إلا رجل من أهل بيتي، فانطلق فقام علي عليه السلام أيام التشريق ينادي: " ذمة الله ورسوله برئت من كل مشرك، فسيحوا في الأرض أربعة أشهر، ولا يحجن بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت بعد العام عريان، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة "، قال: وكان علي عليه السلام ينادي بها فإذا أعيى أمر غيره فنادى. (3) وقد ذكر أيضا في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (علي مني وأنا منه) خمسة وثلاثين حديثا من طريقهم، وفي كثير منها بعد قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " علي مني وأنا منه، لا يؤدي عني إلا أنا أو علي ". (4)