إنما يكون في المتعاطفات التالية، إذ لو كان رجوع الفئ إلى ذي القربى، مثل رجوعه إلى تواليه، ولم يكن كرجوعه إلى سابقيه لوجب جعله مثل التوالي، لا مثل سابقيه، فإعادة اللام فيه تصريح بأنه مثل سابقيه، وهذا معنى قول مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، روحنا وأرواح العالمين فداه: (نحن والله الذين عنى الله بذي القربى الذين قرنهم الله بنفسه ونبيه صلى الله عليه وآله وسلم).
ويبين هذا المعنى أيضا الاتيان بذي القربى مفردا، دلالة على أن ذي القربى الراجع إليه الفئ في كل عصر لا يكون إلا واحدا، لأن الإمارة والإمامة في كل عصر لا تقوم إلا بواحد.
فإن قلت: لو كان رجوع الفئ إلى المعطوف عليه من باب حق السلطنة والإمارة - كما ذكرت - للزم عدم صحة عطف اليتامى، والمساكين، وابن السبيل عليه، لعدم رجوعه إليهم، على وجه حق الإمارة بالضرورة وإلا لزم أن يكونوا ولاة على الناس.
قلت: رجوع الفئ إليهم على وجه حق الإمارة لا يتنافى مع عدم إمارتهم على الناس، لأن رجوع حق الإمارة لشخص على وجهين: الأول لكونه واليا وأميرا، كالرسول، وذي القربى، حيث قرنهما بنفسه، والثاني:
لكونه من توابع الأمير كأهليه (1)، وأقاربه.
واليتامى، والمساكين، وابن السبيل من التوابع، وأفاد تعالى شأنه بتغيير السياق، وترك اللام فيها إنهم من توابع ذي القربى، فهم كذي القربى من حيث أخذ الفئ، وليسوا مثله في الإمارة والاستقلال، فدل على أن اليتامى، والمساكين، وابن السبيل - في الآية الكريمة - ليست مطلقة، وإنما هم