دين الإسلام، بحيث يكون ترك البيعة مع متقلدها خروجا عن الإسلام، ولو كان المراد بيان حكم موضوع إذا وجد في الخارج، كما زعمه وجب حينئذ أن يقال: إذا تغلب رجل على المسلمين وخافوا الفتنة في مخالفته وجب عليهم البيعة معه.
وأما دلالة الآية الكريمة على الخلافة الكبرى والإمامة العظمى فقد ظهرت بما بيناه من أن أولي الأمر إنما تصدق على من كان صاحبا للأمر واقعا، وكان الأمر حقا له، لا من تغلب على الأمر من دون استحقاق، حتى يحتمل أن يكون وجوب طاعته من قبيل وجوب طاعة البغاة، مع أن ذكر (منكم) بعد (أولي الأمر) يصرح بما بيناه، إذ وجوب التحرز عن مخالفة المتغلب على الأمر الذي يخاف منه لا يختص بكونه من المؤمنين.
ومما بيناه تبين دفع شبهة أخرى، فإن ولاية الأمر بهذا المعنى لا تتحقق إلا بالاستخلاف ونصبه تعالى شأنه، فلو لم ينصبه الله تعالى شأنه للمؤمنين لم يأمرهم بإطاعته، فأمره تعالى شأنه بإطاعته مقرونا بإطاعته وإطاعة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم دليل على نصبه لهم.
والتعبير بصيغة الجمع يدل على تعدده، وعدم انحصاره في فرد واحد، وحيث إن المستشكل من العامة وجرت عادتهم بإطلاق أولي الأمر على المتغلبين على الأمر وصرف التعبير عن محله الأصلي غفل عما بيناه، مع وضوحه في حد نفسه.