اتضح مما ظهر لك من أن مرتبة الإمامة فوق مرتبة النبوة والرسالة.
وأما تقدمهم على أولي العزم منهم مع ثبوت الإمامة لهم، فمن جهة أن الإمامة والولاية لها مراتب، وأتم مراتبهما وأكملها ما ثبت لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم ولذا كان أفضل الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم ومرتبة إمامة الفرع في مرتبة إمامة أصله، فإمامة أئمتنا سلام الله عليهم أيضا أتم مراتب الإمامة والولاية.
وقد تبين أيضا أن النبوة والإمامة قد يجتمعان، كما في نبينا صلى الله عليه وآله وسلم وإبراهيم الخليل، بل في أولي العزم مطلقا، وقد تفترق النبوة عن الإمامة، كما في غير أولي العزم من الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم وقد تفترق الإمامة عن النبوة، كما في أئمتنا سلام الله عليهم.
فإن قلت: ما ذكرت من أن الإمامة مرتبة فوق النبوة ينافي مع افتراق الإمامة عنها، لأن نيل المرتبة الفائقة متفرع على نيل المرتبة النازلة.
قلت: استحقاق المرتبة الفائقة - أي الإمامة - على استحقاق المرتبة النازلة وهي النبوة واستحقاقها ثابت في أئمتنا سلام الله عليهم، وإنما منع عنها ثبوت مرتبة الخاتمية لخاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم وعلى آله الطاهرين.
وإليه يشير قوله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض أحاديث المنزلة، المروي عن طرق العامة بعد قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إلا أنه لا نبي بعدي ولو كان لكنت). (1)