والولاية المطلقة.
قلت: هذه الخلافة - بقرينة الشرط - إنما هي الخلافة الراجعة إلى مقام النبوة والرسالة. والخلافة عنه صلى الله عليه وآله وسلم في شأن الرسالة ليست إلا الإمامة.
بيان ذلك: إن الشرط وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم (من يؤاخيني (1) ويؤازرني على هذا الأمر) صريح في المؤاخاة والمؤازرة على أمر الانذار والرسالة، فإن المشار لا يحتمل غيره، فالجواب - وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم " يكون وليي ووصيي بعدي وخليفتي في أهلي ويقضي ديني " - إنما يرجع حينئذ إلى الخلافة والوصاية بالنسبة إلى مقام الرسالة والإنذار أيضا، والخلافة بالنسبة إلى مقام الرسالة ليست إلا الإمارة، وهذا في غاية الوضوح، وحيث إن دلالة كلامه صلى الله عليه وآله وسلم على ثبوت الإمارة والإمامة لخليفته في نهاية الظهور، استهزؤوا من قوله صلى الله عليه وآله وسلم وقالوا لأبي طالب عليه السلام: أطع ابنك فقد أمر عليك، والإمارة والإمامة بالنسبة إلى أهله صلى الله عليه وآله وسلم وهم بنو عبد المطلب يستلزم الإمامة بالنسبة إلى غيرهم، إذ لا يجوز أن يكون لطائفة إمام، ولطائفة أخرى إمام آخر، كما هو ظاهر، واعترف به الخليفة الثاني حيث قال في جواب الأنصار القائلين: منا أمير ومنكم أمير: " لا يجتمع سيفان في غمد واحد ". (2) والسر في تخصيص خلافته عنه صلى الله عليه وآله وسلم بأهله، أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يومئذ مأمور بإنذار عشيرته الأقربين وأهله، مع أن اختصاص أهله به صلى الله عليه وآله وسلم أشد من اختصاص سائر الأمة به، وخلافته على أهل النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قبله من حيث مقام نبوته ورسالته صلى الله عليه وآله وسلم توجب الخلافة والإمامة على سائر أمته بطريق أولى.