بعض المشايخ لأن الجهل غالب في أكثر العوام بحيث لا يميزون بين الألفاظ المكفرة وغيرها فيلزم عليه تكفير كثير من المسلمين ولو اعتقد مع ذلك الكفر يكفر اتفاقا ولو كان يعلم أن ذلك اللفظ مكفر فتلفظ به عمدا عن طوع من غير اعتقاد غير حاك له عن غيره يكفر أيضا فتحصل المسألة بأربعة أوجه يكفر في صورتين ولا يكفر في صورة والخلاف في صورة المتن وقد علمت ما فيها وبقي وجه خامس وهو ما إذا سبق لسانه غلطا إلى كلمة كفر فإنه لا يكفر بخلاف الطلاق والعتاق وسادس وهو ما إذا نقله على لسان غيره كقوله: النصارى يقولون المسيح ابن الله فلا يكفر اتفاقا ثم الإكراه المبيح للتلفظ به لا بد أن يكون بما يزيل الرضاء بأن لا يكون بنحو قتل أو قطع عضو أو ضرب يخاف منه تلف النفس مع اطمئنان قلبه بالإيمان كما وقع لعمار بن ياسر رضي الله عنه حين أسره المشركون ولم يخلوا سبيله حتى تكلم بالنبي صلى الله عليه وسلم فحين جائه قال له صلى الله عليه وسلم ما تركت وراءك قال شرا يا رسول الله ثم أخبره بذلك فقال عليه السلام كيف وجدت قلبك قال مطمئنا بالإيمان فقال عليه السلام إن عادوا فعد قيل أي فعد إلى التكلم مع الاطمئنان وقيل إلى الاطمئنان وفيه نزل قوله تعالى إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان الآية وإن صبر على القتل كان مأجورا كما روي أن خبيبا رضي الله عنه صبر على القتل حتى صلب فسماه النبي صلى الله عليه وسلم سيد الشهداء ولو أكره بقيد أو حبس أو أخذ مال أو ضرب قيل لا يخاف منه تلف نفس أو عضو لا يباح له ذلك قال علي قاري رحمه الله ثم من فروع الارتداد أنه تبطل أعماله الصالحة وتقع الفرقة بينه وبين امرأته ولو جدد الإيمان خلافا للشافعي لأنه لا يبطلها إلا بالموت على الكفر وعندنا تعود أعماله السابقة لكن قالوا تعود بلا ثواب ويجب عليه حجة الإسلام لأن وقت الحج ممتد إلى آخر العمر وكذا لو أسلم في آخر وقت صلاة ارتد في أوله بعد أدائها يجب إعادتها لبقاء الوقت وإمكان التدارك وأما الصلوات ونحوها الواقعة في أيام الارتداد فلا يجب قضائها قال شيخنا أقول وكذا يبطل وقفه وروايته للحديث فيجب إعادة وقفه بعد الإسلام كما صرح بذلك في كتب الفروع انتهى والألفاظ المكفرة وغير المكفرة والمختلف فيها مذكورة في المطولات وقد بالغ في ذلك صاحب البزازية وقال إن الرجل ليتكلم بالكلمة فيهوي بها في النار فهو لا يدري فينبغي للمسلم أن يتحرز في كلامه عن سقطات اللسان وإذا طغى لسانه من غير قصد ينبغي أن يحمل على وجه حسن ولو رواية ضعيفة لئلا يلزم عليه تكفير
(١٠٤)