في غسالة الحمام، وما حكي عن المحقق من الإجماع على نجاسة الماء الذي يغتسل به الجنب - وغيره من ذوي الأحداث - إذا كان بدنه نجسا ولم يغسله قبل الغسل، وما عن التحرير والمنتهى مثله بعينه، كعدم خلافهم في عدم مطهرية الماء القليل الوارد على الماء النجس، فلولا انفعاله به لا معنى لبقاء المورود على نجاسته.
والحال أن الوارد عليه طاهر بعد ملاقاته له، فتبين أن هذا التفصيل أضعف من إطلاق ابن أبي عقيل، وأن الأقوى انفعال الماء القليل مطلقا.
قوله (قدس سره): (ولا عبرة بالتغيير بأوصاف المتنجس... الخ) قد ذكر أن انفعال غير الراكد والراكد الكر إنما هو بتغير أحد أوصافه الثلاثة: الطعم والريح واللون، فأراد أن يبين كيفية التغير الموجب للانفعال، وأنه بم يحصل؟
أقول: لا شك في أن التغير الموجب للانفعال لا بد وأن يكون بواسطة ملاقاة الماء لعين النجاسة، وأن يكون في الأوصاف الثلاثة المذكورة، فتغييره بنفسه لا يورث ذهاب الطهارة عنه قطعا، لعدم المقتضي له، واختصاص أدلة انفعاله بالتغيير بما إذا حصل عن ملاقاة نجاسة كما هو صريحها. كما أنه بعد البناء على أن التغيير لا بد وأن يكون مما من شأنه انفعال الماء به وهو النجاسات لا بد أن يقال بلزوم استناده إلى ملاقاتها له بأي نحو حصلت، دون مطلق حصوله ولو بالمجاورة ونحوها، نعم يكفي في تحقق استناد التغيير إلى الملاقاة صدق ملاقاتهما، سواء لاقته بنفسها فغيرته، أم لاقته في ضمن شيء متغير بها فتغير الماء بهذا الشيء المتغير بالنجس، على وجه يستند تغيره إلى تلك العين النجسة، ويقال بأن حصوله فيه منها وإن لم يصدق ملاقاته لشخص عينها، كما لو لاقى الماء ماء منتنا بالجيفة حين خلوه عن عين الجيفة وخروجها عنه فتغير الثاني بريح الجيفة التي استصحبها الماء الملاقي لها، فإنه يصدق على هذا الماء المتغير بملاقاة المنتن أن تغيره إنما هو من الجيفة، ويصدق عليه قوله في صحيح ابن بزيع (1): كلما غلب