والأقوى عدم اشتراط طهارة الماء بعدم التعدي بهذا المعنى، لما مر منا من منع الانصراف المدعى في المقام، وسلامة الإطلاقات الدالة على طهارة ماء الاستنجاء، بل هي معتضدة بالإجماع المدعى من شيخ الجواهر الظاهر دعواه من جماعة من الفحول كما عن الروضة والمدارك والذخيرة ومجمع البرهان والحدائق والمحقق الخونساري حيث إنهم في تلك المسألة صرحوا بأنه لولا إجماع العلامة على كفاية هذا المقدار من التعدي في لزوم الماء لقلنا بأنه يعتبر في لزومه التعدي المخرج له عن اسم الاستنجاء كما هو المعتبر في الحكم بالنجاسة.
وبالجملة مقتضى الإطلاق المعتضد بظهور الإجماع هو الحكم بطهارة ماء الاستنجاء مطلقا، إذ لا دليل على نجاسته بعد صراحة الأخبار الواردة بطهارته، إلا دعوى أن التعدي الموجب لتعين الماء يلازم نجاسة الغسالة، كما هو ظاهر بعضهم بعد تشخيص كون المراد منه هو هذا المعنى الذي ذكرناه.
وممنوعية هذه الدعوى غير محتاجة إلى البيان، لأن منشأها إن كان استفادته من كلماتهم فغير خفي على المراجع إليها أنهم ينادون بأعلى صوتهم بافتراق المراد من التعدي في الموردين، وإن كان لدعوى الانصراف في اطلاق الأخبار فقد عرفت ممنوعية تلك الدعوى أولا، وظهور الإجماع على الطهارة ما لم يخرج عن اسم الاستنجاء بعد تسليم الانصراف ثانيا كما سمعته عن شيخ الجواهر.
ومنه يظهر أنه لا بد من حمل تلك العبارة منه على التعدي المخرج له عن الاسم، وإن كان لا ينبغي ترك الاحتياط في التعدي الفاحش، غايته وإن لم يخرج عن اسم الاستنجاء لاختلاف الانصراف المدعى في المرجوعات إلى العرف، فاحتمال انصراف المطلقات عن مثل الفرض قوي، ولا أقل من الشك في شمول الإطلاق لمثله، فيسلم الأصل الذي أصلناه في الغسالة، بل لعله هو الأقوى.
وبعبارة اخرى التعدي قد يفرض بالنسبة إلى الطباع المتعارفة التي لم يحصل لهم ثلط أبدا فيراد بالمتعدي ما هو لازم متعارف الطباع الثلطية التي لانت معدتهم في الجملة، الذي هو الموجب لتعين الماء وعدم كفاية الأحجار، فهذا هو الذي